عرب وعالممباشر

“الأنباء ليست جيّدة”… إليكم حالة سلمان رشدي!

وضع الروائي البريطاني، سلمان رشدي، الذي أصدر مؤسّس الجمهوريّة الإسلاميّة الإيرانية، الخميني، فتوى بهدر دمه عام 1989 بسبب روايته “آيات شيطانيّة”، على جهاز التنفس الاصطناعي بعد عملية جراحية استغرقت ساعات عدة جراء تعرضه للطعن في نيويورك، وفقا لوكالة رويترز.

وتواجد رشدي البالغ من العمر 75 عاما بمعهد تشوتوكوا الثقافي شمال غرب ولاية نيويورك، الجمعة، عندما تقدم رجل إلى المسرح واندفع نحو رشدي قبل أن يسدد له عدة طعنات في عمل وصفته الولايات المتحدة بـ “الاعتداء المقيت والعنف المروع”.

ونقلت صحيفة “نيويورك تايمز” عن وكيله، أندرو ويلي، قوله إنّ “الأنباء ليست جيّدة” وإنّ “من المحتمل أن يفقد سلمان إحدى عينيه، وقد قُطِعت أعصاب ذراعه وتعرّض كبده للطّعن والتلف”.

وفور تعرّضه لهجوم على منصّة مركز ثقافي في تشوتوكوا بشمال غرب ولاية نيويورك، نُقل رشدي بمروحيّة إلى مركز “UPMC Hamot” الجراحي في بنسليفينا، حيث خضع لجراحة طارئة، بحسب ما قال وكيله عبر تويتر، واعدًا بتوفير معلومات منتظمة بشأن الوضع الصحّي لرشدي الذي يعيش في نيويورك منذ سنوات عدّة بعد حصوله على الجنسية الأميركية عام 2016.

وقال مستشار الأمن القومي الأميركي، جيك سوليفان: “إن الولايات المتحدة والعالم شهد اعتداء مقيت على الكاتب سلمان رشدي وأن عمل العنف هذا مروع”.

وأضاف في بيان, “كلنا في إدارة بايدن هاريس نصلي من أجل شفائه العاجل, نحن ممتنون للمواطنين الطيبين وأول المستجيبين لمساعدة رشدي بسرعة كبيرة بعد الهجوم ولسلطات إنفاذ القانون على عملها السريع والفعال المستمر”.

من جانبه، قال كارل ليفان، وهو أستاذ علوم سياسيّة كان موجودًا في القاعة، لوكالة فرانس برس عبر الهاتف: “إنّ رجلاً هرَع إلى المنصّة حيث كان رشدي جالسًا و”طعنه بعنف مرّات عدّة”, وروى الشاهد أنّ المهاجم “حاول قتل سلمان رشدي”.

ولم تُقدّم الشرطة من جهتها تفاصيل عن حالة رشدي الصحّية، مكتفيةً بالقول إنّه خضع لجراحة.

وعرّفت الشرطة عن المشتبه فيه على أنّه هادي مطر (24 عامًا) من فيرفيلد في نيوجيرزي، في حين لم تّتضح دوافعه حتّى الآن.

وأشارت الشرطة إلى أنّ رشدي تعرّض للطعن في رقبته وبطنه, وهرع عدد من الأشخاص إلى المنصّة وثبّتوا المشتبه به أرضًا، قبل أن يعتقله أحد عناصر الأمن.

وقدّم طبيب كان موجودًا بين الحاضرين إسعافات أوّليّة لرشدي قبل وصول رجال الإسعاف.

وفي المواقف الدوليّة، أعلن الرئيس الفرنسي، إيمانويل ماكرون، أمس الجمعة، تضامنه مع رشدي، مؤكّدًا “أنّنا اليوم إلى جانبه أكثر من أيّ وقت مضى”.

وكتب ماكرون عبر تويتر “منذ 33 عامًا، يُجسّد سلمان رشدي الحرّية ومحاربة الظلامية, نضاله هو نضالنا، وهو نضال عالميّ. اليوم، نقف إلى جانبه أكثر من أيّ وقت مضى”.
من جهته، ندّد رئيس الوزراء البريطاني، بوريس جونسون، بالهجوم “المروّع” الذي تعرّض له الكاتب< ودان جونسون في تغريدة الاعتداء على رشدي "أثناء ممارسته حقًا علينا ألا نتوقّف عن الدفاع عنه"، في إشارة إلى حرّية التعبير. بدوره، قال الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريش، إنّه يشعر بالجزع حيال هذا الهجوم، مضيفا بلسان المتحدث باسمه "الكلمات لا يمكن بأي حال من الأحوال الرد عليها بالعنف". قالت الشرطة في بيان إنّه نحو الساعة 11,00 (15,00 ت غ) "هرع مشتبه به إلى المنصّة وهاجم رشدي ومُحاوره. تعرّض رشدي للطعن في العنق ونقِل بالمروحيّة إلى مستشفى في المنطقة". وقالت حاكمة ولاية نيويورك، كاثي هوتشل، إنّ رشدي على قيد الحياة، ووصفته بأنّه "فرد أمضى عقودًا يواجه السلطة بالحقيقة". وتابعت, "ندين كلّ أشكال العنف، ونريد أن يشعر الناس بأنّهم أحرار في قول الحقيقة وكتابتها". واعتقل عنصر مكلّف ضبط الأمن المشتبه به، فيما تعرّض محاور رشدي لإصابة في الرأس. وأظهرت تسجيلات فيديو تمّ تداولها على وسائل التواصل الاجتماعي أشخاصًا يُسرعون لنجدة الكاتب بعد تعرّضه للاعتداء. وقال أحد الشهود على مواقع التواصل: "حدث رهيب وقع للتوّ في مؤسّسة تشوتوكوا، تعرّض سلمان رشدي لاعتداء على المنصّة, تمّ إخلاء المكان". على الأثر، أكّدت مؤسسة تشوتوكوا التي تُعنى بالفنون والأدب في منطقة تقع على بعد 110 كيلومترات إلى الجنوب من بافالو، في بيان أنّها تنسّق مع عناصر إنفاذ القانون وأجهزة الطوارئ. اشتهر رشدي بعد إصداره روايته الثانية "أطفال منتصف الليل" في العام 1981 التي حازت تقديرات عالمية وجائزة بوكر الأدبية, وتتناول الرواية مسيرة الهند من الاستعمار البريطاني إلى الاستقلال وما بعده. لكنّ روايته "آيات شيطانيّة" التي صدرت في العام 1988 أثارت جدلا كبيرا وأصدر المرشد الإيراني الأعلى السابق، الخميني، فتوى بهدر دمه. واعتبر بعض المسلمين أنّ الرواية مسيئة للنبي محمد. وجمعت منظمات إيرانية بعضها تابع للحكومة مكافأة بملايين الدولارات لقتل رشدي, وقال المرشد الإيراني الحالي، علي خامنئي، في عام 2019، إن الفتوى "لا رجوع عنها"، بحسب رويترز. وتبرعت وكالة أنباء فارس الإيرانية شبه الرسمية وغيرها من المنافذ الإخبارية بالمال في عام 2016 لزيادة المكافأة بمقدار 600 ألف دولار, ووصفت وكالة فارس، رشدي بالمرتد الذي "أهان النبي" في تقريرها عن هجوم الجمعة. واضطرّ رشدي الملحد والمولود في الهند لأبوين مسلمين غير ممارسين للشعائر الدينية، للتواري بعدما رصِدت جائزة ماليّة لمَن يقتله، وهي لا تزال سارية. ووضعت الحكومة البريطانية رشدي تحت حماية الشرطة في المملكة المتحدة، وتعرّض مترجموه وناشروه للقتل أو لمحاولات قتل, وفي العام 1991 قتل الياباني، هيتوشي إيغاراشي، الذي ترجم كتابه "آيات شيطانيّة" طعنا. وبقي رشدي متواريًا نحو عقد وقد غيّر مقرّ إقامته مرارًا وتعذّر عليه إبلاغ أولاده بمكان إقامته, ولم يستأنف رشدي ظهوره العلني إلا في أواخر تسعينات القرن الماضي بعدما أعلنت إيران أنها لا تؤيد اغتياله. ورشدي مقيم حاليًا في نيويورك وهو ناشط في الدفاع عن حرية التعبير وقد دافع بشدّة عن صحيفة "شارلي إيبدو" الساخرة الفرنسيّة بعدما استهدفها إسلاميّون بهجوم عام 2015، قاموا خلاله بتصفية موظّفين فيها ولا سيّما أعضاء في هيئة التحرير. وكانت الصحيفة قد أعادت نشر رسوم للنبي محمد أثارت ردود فعل غاضبة في العالم الإسلامي. وبقي إطلاق التهديد والمقاطعة يلاحقان المناسبات الأدبية التي يشارك فيها رشدي، كما أثار منحه لقب فارس في بريطانيا في العام 2007 احتجاجات في إيران وباكستان حيث قال أحد الوزراء إنّ التكريم يبرر التفجيرات الانتحاريّة. لكنّ فتوى هدر دمه لم تُثنِ رشدي عن الكتابة وعن إعداد مذكّراته في رواية بعنوان "جوزيف أنطون" وهو الاسم المستعار الذي اعتمده إبّان تواريه، وقد كتبها بصيغة الغائب. وروايته "أطفال منتصف الليل" الواقعة في أكثر من 600 صفحة تم تكييفها للمسرح والشاشة الفضّية، و ترجمت كتبه إلى أكثر من 40 لغة. وفي خريف العام 2018 قال رشدي "مَرّ 31 عاما"، مضيفًا, "الآن كلّ الأمور تسير بشكل جيد, كنت في الـ41 حينها (حين صدرت الفتوى)، حاليا أبلغ 71 عاما, نعيش في عالم تتغيّر فيه دواعي القلق بسرعة كبيرة. حاليًا، هناك أسباب كثيرة أخرى تبعث على الخوف، أشخاص آخرون يتعيّن قتلهم". وأعلنت رئيسة منظمة "بين أميركا"، سوزان نوسل، أنّ المجموعة التي تعنى بالدفاع عن حرّية التعبير "تحت وقع الصدمة" جراء الهجوم "المروّع". وذكرت نوسل في بيان أنّ "رشدي راسلني بالبريد الإلكتروني، صباح أمس الجمعة، قبل ساعات من الهجوم للمساعدة في إيجاد مسكن لكتّاب أوكرانيين يبحثون عن ملاذ آمن هربًا من المخاطر الكبيرة التي يواجهونها". وأعربت عن "تضامن" المؤسّسة مع "سلمان الشجاع"، متمنّيةً له "الشفاء العاجل والتام". وأضافت "نعرب عن أملنا وقناعتنا بأنّ صوته الرائد لا يمكن ولن يتم إسكاته". المصدر: الحرة

مقالات ذات صلة