خاص

التأليفُ الحكوميّ.. محاصصةٌ برعايةِ الخارج!

“ليبانون ديبايت” – علي الحسيني

على الرغم من الوعود والآمال التي رافقت عملية تكليف السفير مصطفى أديب تشكيل الحكومة والمتعلقة بسرعة التأليف، إلّا أن واقع الحال لا يشي بشيء من هذا القبيل خصوصاً في ظل عودة الأطراف المعنيّة بالعملية، إلى التنازع حول الحصص والمواقع، مما يُعيد جميع اللبنانيين بالأذهان إلى المراحل السابقة التي كانت تمتد فيها عمليات التأليف الحكومية، إلى أشهر طويلة بسبب خلافات أهل الحكم السياسية، وتناتشهم الحقائب الوزارية.

قبل أن يُغادر الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون لبنان، راح معظم السياسيون يتحدّثون عن قرب ولادة حكومة توافقية يُمكنها النهوض بالبلد وإعادة الحياة فيه إلى طبيعتها. لكن ما إن غادر سيّد الإليزيه أرض مطار بيروت، حتّى عادت “اللعبة” السياسية في لبنان، إلى ما كانت عليه في السابق، وليتبيّن أن كل تلك الوعود وحتّى الإسراع بعملية التكليف، لم تكن سوى نتيجة الضغط التي مارستها الدولة الفرنسية على هؤلاء السياسيين، إضافة إلى تهديدات صندوق النقد الدولي الذي يُصرّ على رفض المساعدة من دون تنفيذ بنود إصلاحيّة، أبرزها ملّف الكهرباء.

كل هذه العُصي التي توضع في عجلة التأليف والتي تحول دون تنفيذ لبنان الوعود التي سبق وأطلقها أمام الرئيس الفرنسي والمتعلقة بتسهيل العملية لدرجة أن أحد المُعرقلين الأساسيين كان صرّح منذ أيّام بأنه يدرس فرضية عدم المشاركة في الحكومة العتيدة، جميعها أمور تدل على الأوهام التي حاولت السلطة بيعها للشعب المتعلّقة بالوعود الإقتصادية والإنمائية، وعودة الحياة إلى لبنان تدريجيّاً خصوصاً لجهة إعادة إعمار ما خلّفه إنفجار المرفأ، داخل نفوس البشر قبل الحجر.

يقول سياسي “عتيق” أن الرئيس المُكلّف بدأ خلال اليومين المنصرمين، حجم التدخلات السياسية في عملية التأليف والتشكيل وهو الذي كان نزلت على مسامعه أكثر من مرّة، أن ثمة قوى سياسية عُليا في البلاد، تسعى إلى التأليف قبل التكليف وذلك من باب الحفاظ على مُكتسباتها الوزارية، تحديداً لجهة الحقائب التي “تستولي” عليها، مرّة بحجّة المناصفة ومرّات تحت حجّة حقوق الطوائف.

ويُضيف السياسي نفسه: المسعى الأوّل للرئيس المكلّف مصطفى أديب، كان التوجّه بالذهاب نحو حكومة مُصغّرة، يُمكن أن يختصر التمثيل فيها جميع القوى السياسية، من بينها حتّى الجهات التي تُسمّي نفسها معارضة، لكن وبما أن المرحلة الحالية تخضع لتهديدات وابتزازات قوى سياسية باتت معروفة، فقد تعرّض أديب لتهديد واضح من هذه القوى بسحب التكليف منه عن طريق إجهاض كل حركته، ومن هنا جاءت مطالبة هذه القوى بتوسيع “بيكار” الحكومة لتضمن احتكار أكبر لعدد من الحقائب، وتحديداً الخدماتية والسيادية.

ويعود السياسي العتيق بالذاكرة، إلى الفترة التي سبقت عملية تأليف حكومة الرئيس حسّان دياب وتحديداً لجهة ما يتعلّق بالتمسّك ببعض الحقائب الوزارية لصالح هذا الفريق أو ذاك، إلى أن حين حصول توافق سياسي بين الجميع. واليوم وعلى المنوال نفسه، يسير هؤلاء بالطريق نفسه لكن مع إضفاء شيء من “الرومانسية” السياسيّة من أجل جذب المواطن والمقصود هنا، اعتماد مبدأ المُداورة في الحقائب. لكن هذا العنوان العريض سرعان ما عاد هو الاخر إلى الإختفاء، بعد أن لاحظت السلطة بأنه يُمكن أن يُعيق أو يؤخّر، ولادة الحكومة.

في المُحصّلة، يبدو أن النَفَس في عملية التكليف والتأليف، ما زال على حاله. فهناك من يرسم ويُخطّط ويُقرّر، وهناك من يذهب الى التنفيذ. رئيس مجلس النواّب نبيه بري يُصرّ على حقيبة المال بحجّة إسنادها إلى شيعي يمتلك حق التوقيع إلى جانب رئيس الجمهورية الماروني، ورئيس مجلس الوزراء السُنّي. وكذلك الامر يُصرّ “حزب الله” على المشاركة بشخصيّات حزبيّة، تحت عنوان كسر المطلب الأميركي. وكذلك الأمر بالنسبة إلى “التيّار الوطني الحر” الذي يتمسّك بحقيبتي الطاقة والخارجية، تحت متذرّعاً بحقوق المسيحيين.

في جميع الأحوال، على ما يبدو، فإن المحاصصة هذه المرّة بين التوليفة الحاكمة، كانت نافرة أكثر من أي من المرّات السابقة، والأسوأ ان هذه المحاصصة مُغطّاة من خارجيّاً، ما يعني أن عملية توزيع “المغانم” الوزارية هذه المرّة، ستكون برعاية دولية وعلى عينك يا مواطن.

lebanondebate

مقالات ذات صلة