لبنان

خصوم باسيل “يشمتون”: “من فمك أدينك”؟!

في المنطق، كان يُعتقَد أنّ أيّ عقوباتٍ خارجيّة تُفرَض على مسؤولٍ لبنانيّ، بمُعزَلٍ عن هويّته، ينبغي أن تُقابَل بـ “تضامن” سائر اللبنانيّين معه، خصوصاً إذا كانت العقوبات عليه مبنيّة على تموْضعِه السياسيّ، ولو غُلِّفت بإطار “الفساد” العام والشامل.

هذا “المنطق” لم يُطبَّق على حالة رئيس “التيار الوطني الحر” الوزير السابق جبران باسيل، الذي لم يجد من يدعمه ويتضامن معه في العلن، سوى “حزب الله”، الذي أوحى باسيل أصلاً أنّه “يدفع ثمن” التفاهم معه، ورفضه “الإغراءات” التي أعطيت له بالجملة، لفكّ الارتباط معه، وبالتالي المساهمة في عزله داخلياً وخارجياً.

ولعلّ المفارقة أنّه فيما فضّل بعض الأفرقاء “النأي بالنفس” ببساطة عن العقوبات، وعدم التعليق عليها من قريب أو من بعيد، ووظّفها آخرون في إطار “الخصومة” مع باسيل، ليعتبروها “إحقاقاً للحقّ” بشكلٍ أو بآخر، كانت “الشماتة” حاضرة لدى الكثير من خصوم الرجل، وبعضهم من “حلفاء حزب الله”، وممّن خبروا العقوبات سابقاً!

“تبنّي” موقف باسيل!

قد يكون موقف رئيس تيار “المردة” سليمان فرنجية الأبرز في هذا الإطار، وهو الذي كان يعتقد كثيرون أنّ “تضامنه” مع باسيل “حتميّ”، هو الذي لطالما فصل بين “خصومته” للرجل وغيره، و”الخط الاستراتيجي السياسي” الذي ينتمي إليه، فضلاً عن كون العقوبات طالت قبل أسابيع قليلة فقط، أحد أبرز مساعديه، الوزير السابق يوسف فنيانوس.

لكن، وفق قاعدة “من فمك أدينك” على ما يبدو، اختار فرنجية “الشماتة” بباسيل، بموجب منطق “تبنّي” الموقف الذي سبق أن اتّخذه الأخير حينما فُرِضت عقوبات على فنيانوس إضافة إلى الوزير السابق علي حسن خليل، يوم “أبدع” الجيش الافتراضي المحسوب على “التيار”، كما يقول مقرّبون من “المردة”، في التهليل للعقوبات والاحتفاء بها، وكأنّهم حقّقوا “انتصاراً سياسياً” غير مسبوق.

ويذكّر هؤلاء كيف أنّ “عونيّين” كثراً، وبينهم قياديّون معروفون ومن الصفوف الأماميّة، أطلقوا مواقف “نافرة” حينها، برفض التضامن مع من وصفوهم بـ “الفاسدين”، وهو ما تجلّى مثلاً بتغريدةٍ لافتةٍ للنائب زياد أسود انتشرت مجدّداً خلال اليومين الماضيين، ومفادها رفض “التسلح بفكرة مقاومة الغريب”، كما يفعل باسيل اليوم للمفارقة، وبناءً على معادلة “لا شفقة على فاسد ولا تضامن معه”.

من “البادئ”؟!

ينسحب موقف “المردة” على مواقف العديد من الأفرقاء المحسوبين على “محور المقاومة”، بشكلٍ أو بآخر، وإن كان الأكثر بروزاً وسطوعاً، فيما اكتفى الآخرون بالنأي بالنفس، وعدم التعليق على العقوبات، لا إيجاباً ولا سلباً، وإن أرفقوا مثل هذه الخطوة بإطلاق العنان لـ “الجيوش الافتراضية” التي تصدّت سريعاً لمهمّة “الشماتة”.

وفي حين يعتبر “الشامتون” أنّ باسيل هو “البادئ”، وهو الذي لم يحسب حساباً لإمكان تجرّعه من نفس “الكأس المُرّة” التي انتقد غيره عليها، لا يخفي الكثير من “العونيّين” في المقابل، “امتعاضهم” من “الشخصانية” التي يعتمدها الخصوم في التعامل معه، مشدّدين على أنّ “المقارنة لا تجوز”، خصوصاً أنّ “مضبطة الاتهام” الأميركية لزعيمهم خلت من أيّ “أدلة” واضحة وصريحة.

ولعلّ ما زاد من “نفور” الكثير من القيادات “العونيّة” يتمثّل في إصرار بعض حلفاء “حزب الله”، ممّن كان يفترض أن يكون تضامنهم معه “تحصيلاً حاصلاً”، على “تغليب” خلافهم معه على الموقف “الاستراتيجيّ”، وصولاً إلى حدّ “السخرية” من المؤتمر الصحافي الذي عقده باسيل، بل “تكذيبه”، مقابل “تصديق” ما سردته السفيرة الأميركية دوروثي شيا رداً عليه، خصوصاً لجهة “ادعائها” تعهّد رئيس “التيار” بالابتعاد عن “حزب الله”، وفق شروطٍ معيّنة.

قد لا يُلام “الشامتون” بباسيل، بعد العقوبات المفروضة عليه، باعتبار أنّهم “يتبنّون” الأسلوب الذي “ابتدعه” هو معهم، يوم طالتهم العقوبات، حين هلّل جمهوره واحتفى ورفض التضامن، وباعتبار أنّه أصلاً، في أدائه السياسيّ، لم يترك “خط رجعة” مع الكثير من هؤلاء، الذين بات خلافهم مع باسيل “شخصياً” بامتياز. ولكنّ السؤال الأكبر يبقى عن موقف “حزب الله” من كلّ هذه المعمعة، فإذا كان قد “عجز” سابقاً عن تقريب وجهات النظر بين حلفائه، ألا “يمون” عليهم لوقف “حفلات الشماتة” بالحدّ الأدنى؟!

lebanon 24

مقالات ذات صلة