اخبار بارزةلبنان

مخاوفٌ من اغتيالات و”خلايا نائمة”.. مسيرة الحريري “مهدّدة” وهذا ما ينتظره

حتى الآن، لا بوادرَ إيجابيّة على صعيد تشكيل الحكومة، ما يعني أنّ ولادتها لن تكون غداً الإثنين. فالأوراق أعيدَ خلطها من جديد بعد خطاب الأمين العام لـ”حزب الله” السيّد حسن نصرالله، وما يبدو هو أنّ الكباش السياسي سيزدادُ حدّة بعدما رأى فريق رئيس الجمهورية ميشال عون أنّ الدفع من “حزب الله” كبير له، وذلك من أجل التمسك بكل المواقف إزاء الصيغة الحكوميّة، وهو الأمر الذي يضع الرئيس المكلف سعد الحريري أمام العديد من العراقيل.

وفي الحقيقة، فإنّ مهمّة الحريري لن تكون سهلة أبداً خلال التشكيل وبعده، خصوصاً أن التحديات كبيرة، وما يمكن قوله هو أنّ الحكومة التي يريدُ تشكيلها ستواجه أصعب أزمة في تاريخ لبنان. وحتى الساعة، فإنّ الحريري “غير راضٍ” عن تشكيل حكومة سياسية بخلاف ما طالب به نصرالله مؤخراً.
ورغم الوساطات التي دخلت على الخط لبلورة صيغة جديدة للحكومة تُسرّع في ولادتها، فإنّ ما يتبيّن مراراً هو أنّ كل الظروف غير مواتية بالنسبة للحريري، خصوصاً أنّ الفرصة هذه تعدّ الأخيرة أمامه. واليوم، إذا أراد الحريري تشكيل حكومة تكنوقراط، فلن يحصل إلا على غطاء سياسي من كتلته، وقد ينضمّ إليه رئيس الحزب التقدمي الإشتراكي وليد جنبلاط لمساندته بشكل أو بآخر، رغم أن الأخير كسَر الجمود أمس وزار رئيس الجمهورية في بعبدا، مؤكداً على ضرورة تسريع التشكيل من دون وضع أي شروط.
وبحسب معلومات “لبنان24″، فإنّ “زيارة جنبلاط إلى بعبدا جاءت بعد مسعى من رئيس الحزب الديمقراطي اللبناني طلال ارسلان الذي زار كليمنصو قبل أيام بالتنسيق مع الوزير السابق جبران باسيل، إذ أن الأخير يسعى إلى ترطيب الأجواء مع جنبلاط”.
وأضافت المصادر: “كان الهدف من زيارة ارسلان حينها هو تفعيل التواصل بين المختارة وبعبدا بالدرجة الأولى، وقد جاءت دعوة رئيس الجمهورية لجنبلاط قبل زيارة الحريري، ذلك للوقوف عند رأيه بشأن الحكومة”.
وتضيف المصادر: “إن رئيس الجمهورية أراد من هذه الخطوة استمالة جنبلاط وأخذ موافقته بالتحرر من شرط تأليف حكومة مؤلفة من 18 وزيراً والذهاب نحو التفاوض على رقم آخر لعدد الوزراء قد يكون 20”.
ولفتت المصادر إلى أن “عون هدف أيضاً إلى كسر الجمود بينه وبين جنبلاط وذلك لجعل الأخير يتحرّك على خط بيت الوسط لاقناع الحريري باعادة النظر بحكومة الـ18 وزيراً. وفي حال اقتنع الرئيس المكلف بحكومة من 20 وزيراً، فإن الوزيرين الإضافيين هما درزي وكاثوليكي”.
وفي هذا الاطار، تقول مصادر “التقدمي الإشتراكي” لـ”لبنان24″: “الكباش بشأن صيغة وشكل الحكومة أصبح مملاً. ما نريده فعلاً هو حكومة سياسية، سواء أكانت سياسية، اختصاصية، تكنوقراط، تكنو سياسية.. المهم حكومة انقاذية”.
وتضيف المصادر: “الأفضل أن تكون الحكومة مُطعّمة ومتنوعة، ولكن نحن نعمل وفق المبادرة الفرنسية التي تطالب بحكومة اختصاصيين، والسعي مستمر نحوها وذلك من أجل استمرار الانفتاح على العرب والغرب للحصول على مساعدات، وإلا لن ننجح لأن لبنان بقدراته الذاتية لا يستطيع الصمود”.
ورأت المصادر أنّه من “الأفضل أن تكون الحقائب الوزارية التي تحتاج إلى اصلاح جذري في عهدة شخصيات مختصة. غير أنه من الواضح أن نصرالله تراجع عن موقفه الأول لناحية شكل الحكومة، خصوصاً أنه اصطف إلى جانب التيار الوطني الحر”.
وتضيف: “المطلوب اليوم تفعيل التواصل بين عون والحريري للوصول إلى حكومة انقاذية خصوصاً أن الوضع الاقتصادي والأمني والمعيشي لم يعد محتملاً”.
وعلى جبهة “الاشتراكي” و”المستقبل”، فإن الرئيس نبيه بري لن يبقى محايداً، وأي خطوة تساهم في لجم “الوطني الحر” سيتخذها الأخير، خصوصاً لناحية دعم الحريري بشكل غير مباشر.ووسط كل ذلك، فإن كواليس الاتصالات تشيرُ إلى حدّ كبير إلى “عدم انكسار الجرّة” بين الحريري و”حزب الله”، فالاتصالات مستمرة بين الطرفين، والرئيس المكلف سيحاول المهادنة قليلاً في الوقت الحالي، وسيظل متمسكاً بموقفه بتشكيل حكومة تكنوقراط، لكن هذا الأمر قد لا يستمرّ طويلاً.
وعلى هذا الخط، تقول مصادر سياسية متابعة: “إذا أراد الحريري الاستمرار بشرطه المتعلق بحكومة اختصاصيين، فلا حكومة في ظلّ تشبث الوطني الحر برأيه ومساندة حزب الله له. ولهذا، الأزمة سوف تستمر، وقد يتم دفع الحريري إلى الاعتذار من تلقاء نفسه، وهذا الحل سيكون أبغض الحلال بالنسبة له. أما في حال القبول بالشروط المعاكسة لشروطه، أي تشكيل حكومة تكنوسياسية أو سياسية، فإن الحريري يكون بذلك قد قبِل بشروط حزب الله والوطني الحر، ما يعني تنازلات فوق تنازلات. وهنا، القاعدة الشعبية للحريري ستنقلب عليه، وستتهمه بشكل علني بالخضوع مجدداً لحزب الله وشروط الوزير السابق جبران باسيل”.
وتضيف المصادر: “الأجدى بالحريري الاعتذار لأن التحديات أمامه كثيرة. فليترك الساحة للذين ينعمون بترف المماطلة لأنهم يحاولون نصب الأفخاخ له. وفي الحقيقة، فإنّه في حال شكّل الحريري الحكومة التي يريدها، فإن العراقيل ستكون كثيرة أمامه، وستتحول حكومته إلى حكومة حسان دياب جديدة، أي حكومة غير فاعلة، غير منتجة ويقيدها الشلل. وعندها، سيصوّر الحريري على أنه فشل بالمهمة المسندة إليه، وسيبدأ الحديث عن طرح بديل آخر، وستُنزع عنه صفة المنقذ التي رسمها البعض”.
في المقابل، يقول مرجعٌ سياسي بارز: “لا يمكن للحريري الهروب من المسؤولية والاعتذار، فهو شريكٌ مع الأطراف السياسيين الآخرين، وأي شروط ستفرض الآن على خط التشكيل ستظهر نتائجها لاحقاً”.
وفي ضوء هذا المشهد، فإنّ ما يتبين هو أن الحريري أمام مأزقين: إما التخلي أو اتخاذ قرار التحدي. ووسط ذلك، يبرزُ خيار ثالث لا مفرّ منه وهو القبول بالشروط التي يريدها الطرف الآخر. وفي حال سار الرئيس المكلف بالخيار الأخير، فإن أسلوب المكاشفة من قبله يجب أن يكون أكبر، كما أن الشفافية أمام اللبنانيين والمجتمع الدولي يجب أن تكون أعمق، بمعنى أنه عليه أن يبادر إلى كشف المعرقلين علناً وذلك كي يحفظ نفسه من تهمة “الفشل”.
مخاوف من اغتيالات
وفي حال تحقق التشكيل، فإن الحريري سيواجه معضلة أكبر على الصعيدين الاقتصادي والأمني. واليوم، فإن الحريري سيدخل إلى حكومة تستعدّ لمواجهة سيناريو رفع الدعم الكامل عن المواد الأساسية (علماً أنه انطلق فعلاً)، كما أنه سيصطدم بأزمة الدولار التي يجب عليه إيجاد حلّ لمعالجتها بأسرع وقت. أما الأمر الأبرز والاهم، هو خطة الحريري لاستعادة الثقة بالدولة.. وهنا، تبرز تساؤلات عديدة: “هل سيستطيع الحريري تطبيق بنود المبادرة الفرنسية من دون إرادة سياسية؟ هل سيستطيع الحريري تفعيل عجلة الاصلاح من دون وجود نية سياسية بذلك؟ هل سيستطيع الحريري وقف مزاريب الهدر والفساد في الدولة وبالتالي جعل المجتمع الدولي يثق بلبنان من جديد لتقديم أموال له على شكل قروض؟”.
وإزاء كل ذلك، يبرز العامل الأمني في الطليعة، خصوصاً أن الحكومة تحتاجُ اليوم إلى تفعيل العمل للجم كل المخاوف على الساحة اللبنانية، اذ ان جهات أمنية عديدة تحذر من أن “البلد بات مكشوفاً على كافة الاحتمالات، وهناك خلايا تنتظر ساعة الصفر لتنفيذ أعمال أمنية تساهم في زعزعة الاستقرار أكثر فأكثر”. كذلك، يعرب أحد المسؤولين المقربين من قطب سياسي بارز، عن “مخاوف من تنفيذ اغتيالات تساهم في تعقيد الامور أكثر، وهو الأمر الذي سيشعل الشارع وسيضع لبنان أمام فوهة البركان”.
وفي المحصلة، فإن السيناريو المنتظر معقد جداً، والمرحلة التالية أصعب بكثير في وقتٍ بات المجتمع الدولي “غاضباً” على لبنان، أي أنه “لا مساعدات ولا أموال” من دون إصلاح وجدية.
lebanon24

مقالات ذات صلة