لبنان

هذا ما يرويه من عايش إنفجار طريق الجديدة لـ”لبنان24″

ذهول يلف وجوه سكان ساحة أبو شاكر في الطريق الجديدة والشوارع المحيطة. الأضرار جسيمة. لكن الأسى الظاهر على وجوه أبناء المنطقة أكبر من الماديات. إنه على الأرواح الذي أزهقت والجرحى الذي يرقدون في المستشفيات، بعد الإنفجار الذي دوّى مرعباً السكان مساء الجمعة الماضي، قبل أن ينكشف المشهد أمامهم عن مأساة وحزن.

وفيما زار رئيس الحكومة الأسبق سعد الحريري موقع الإنفجار موعزاً إلى “جمعية بيروت للتنمية” بإعادة ترميم المباني التي تضررت، إلا أن المشكلة عند سكان الطريق الجديدة لم يعد في إعادة إعمار ما تهدم، بل في ما يصفونه “جشع” أشخاص محددين تسبب بتيتّم أطفال وجرح أناس لا ذنب لهم.

هذا ما توصلنا إليه خلال جولة لــ “لبنان 24” في موقع الإنفجار والحديث إلى الأهالي، إذ يضع عادل صالح، وهو أحد القاطنين في بناية خليفة، اللوم على شخص من عائلة سوبرة الذي يملك ثلاثة مستودعات وصالة عرض لكل ما يتعلق بالأجهزة الخلوية ومستلزماتها.
وبينت المعلومات أن الإنفجار انطلق من أحد المستودعات التابعة لسوبرة، حيث يقوم بتخزين مادة البنزين. وهنا يتساءل صالح: “هذا الرجل مليونير، لماذا يقوم بتخزين البنزين؟”، ويضيف: “من المؤكد أنه لم يقصد قتل أحد، لكن ما حصل يعني أنه مستهتر بحياة البشر، وإلا لماذا أقدم على وضع كميات كبيرة من المواد المشتعلة في منطقة سكنية؟ لماذا خاطر وقرر المغامرة بوضع قنبلة موقوتة بين الأهالي؟”.

صالح الذي يسكن في أحد الأبنية المتضررة، حيث بدأت “جمعية بيروت للتنمية” بتدعيمها وإعادة إعمارها، يقول إن سوبرة رجل ميسور جداً، وما من مبرر ليخاف من غلاء المحروقات حتى يخزنها بهذه الطريقة الكارثية، مضيفاً: “أين هي المشكلة اذا ابتاع المحروقات مثله مثلنا بسعر مرتفع بدلاً من هذه الجريمة؟ أنا لا أجرؤ على وضع غالون محروقات على شرفة بيتي خوفاً على عائلتي والجيران. ما فعله بنا سوبرة حرام”.
ينتظر صالح كما باقي المتضررين إصلاح الأضرار، موضحاً أن أي تأخير أو تلكؤ محتمل سيضطره إلى التكفل بترميم بيته من جيبه الخاص، وذلك خوفاً من أن تتكرر تجربة سكان مار مخايل معه بعد انفجار المرفأ، حيث أن الشتاء على الأبواب.

أما في بناية حمندي، وهي أخرى ملاصقة لمكان الإنفجار، يقول محمود قاسم، وهو سوري الجنسية، إن منزله الذي يقع في الطابق الأول تضرر بشكل كبير. وعندما سمح له بالدخول اليه، كان لجلب أوراقه الثبوتية فقط. لكن كل هذا لا يهم محمود إزاء ما تعرضت له زوجته من جروح بليغة نتيجة الزجاج المتطاير.

هذا الرجل الذي يعتاش من بيع الخضار والفاكهة، يفصح في حديث لــ “لبنان 24” أنه لا يملك المال الكافي لاستئجار أي سكن بديل عن سكنه.

ويقول: “ما عندي ثمن أجار لأنام في أي مطرح ثاني، بعثت زوجتي وطفلتي للنوم عند أقرباء لنا ريثما تتيسر الأمور”.

وفيما تم إخلاء بناية حمندي من كل سكانها، يشعر محمود بقلق كبير مما قد تحمله الأيام المقبلة، خاصة لجهة أي مماطلة محتملة في عملية الترميم، ولا يعبرّ عن كل ما جرى سوى بكلمتين: “خلّيها لربِّك”.

يتشارك عبد الرحمن الكعكي مع شقيقه وعائلته السكن في بناية صعيدي. ويقول متذكراً لحظة الإنفجار: “كنا بالبيت وقت سمعنا الصوت، خرجت إلى الشرفة لأجد قطعا كبيرة متطايرة من خزان المازوت ووصلت إلى الشرفة التي تحتي”، مضيفاً: “عندها، لم يكن أمامنا في هكذا لحظة سوى التفكير بإطفاء الحريق فهرعنا نحن والشباب للقيام بهذه المهمة”.

ورغم أن الأضرار المادية كانت خفيفة في شقته، إلا أن الكعكي يكشف أن شقتي أهله وشقيقه تضررتا بشكل كبير جداً.

أعاد الإنفجار عبد الرحمن إلى كارثة المرفأ في الرابع من آب الماضي، إذ يقول “أنا وأخي “زمطنا” من انفجار المرفأ. كنت في عمل بمنطقة عين المريسة ولكن للصدفة “فليت بكير”، وكذلك شقيقي كان مفروض أن يذهب يومها إلى المرفأ لكن لطف الله منعه حينها من الذهاب”. وهنا يضيف بأسف وخوف: “قبل أيام “زمطنا” من الإنفجار. يمكن الثالثة ثابتة”.

أما عن أسباب الإنفجار، فإن كلام الكعكي لا يختلف كثيراً عما صرح به صالح، إذ يصف صاحب المستودع بأنه “رجل آدمي وخلوق يخاف الله ولا يفتعل المشاكل. لكن لا أعلم لماذا قام بهكذا فعل، (شي بزعل كتير)”.
lebanon 24

مقالات ذات صلة